تُعتبر قصة الوزير الأسبق، علي النعيمي، نموذجًا ملهمًا للإرادة والتحدي، حيث تمكن من انتهاز الفرص وتحقيق نجاحات استثنائية رغم ظروف نشأته البسيطة. على مدى ستين عامًا، أظهر النعيمي أن العزيمة والإصرار يمكن أن تؤدي إلى القمة، إذ بدأ حياته المهنية كعامل في شركة أرامكو، قبل أن يتقلد منصب وزير البترول في المملكة. يعكس مسيرته قصة ملهمة تحتوي على الكثير من الدروس والعبر، خصوصًا فيما يتعلق بتغلبه على التحديات الصحية التي واجهها خلال رحلته.

النشأة والمولد

وُلِد علي بن إبراهيم النعيمي عام 1935 في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، لعائلة بدوية بسيطة تتنقل بحثًا عن سبل العيش تحت شمس الجزيرة. انطلق النعيمي في مسيرته المهنية عندما التحق بشركة أرامكو عام 1947، في سن صغير، حيث بدأ كعامل يحمل الأوراق بين المكاتب. شكلت تلك الخطوة البداية نحو مسيرته العلمية حين سجل في مدرسة الجبل التابعة للشركة.

في أحد الأيام، بينما كان علي النعيمي يتناول الماء من مبردة المهندسين، تعرض لتوبيخ من مهندس أمريكي بسبب وضعه كعامل. أثار هذا الموقف غيظه وشعوره بالضيق، فتولد لديه الدافع للتغيير. انطلق في مسيرته الدراسية التي استمرت بجد واجتهاد، حتى تم ابتعاثه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في الجيولوجيا.

قصة كفاح النعيمي

بدأ النعيمي مسيرته المهنية في أرامكو وهو في الثانية عشر. انتقل للدراسة في لبنان قبل أن يكمل تعليم الجيولوجيا في جامعة ليهاي بولاية بنسلفانيا، حيث نال درجة البكالوريوس في عام 1962. واصل مسيرته الأكاديمية وحصل على الماجستير من جامعة ستانفورد عام 1963. بفضل إنجازاته وإسهاماته في عالم الطاقة، حصل أيضًا على دكتوراه فخرية من جامعة هاريوت وات الإسكتلندية في عام 1995.

أسس النعيمي ثقافة العمل والانضباط داخل أرامكو، مما أسهم في تحسين أداء الشركة ومكانتها في السوق النفطية. كان معروفًا بنهج الاستشارة قبل اتخاذ القرارات الهامة، مما جعل أرامكو تُعزز من تواصلها الإيجابي مع موظفيها. عين وزيرًا للبترول والثروة المعدنية عام 1993، واستطاع بعد عدد من التحديات السياسية أن يضع خططًا استباقية للحفاظ على الثروة النفطية.

أهم إنجازات النعيمي وأعماله

شهدت فترة تولي النعيمي العديد من الإنجازات المهمة، حيث أصبحت منظمة أوبك أكثر قوة وتطورًا. تولى الإشراف على تأسيس جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية، وأصبح رئيس الأمناء بها. تم تكريمه بعدة شهادات دكتوراه فخرية من جامعات متعددة، من ضمنها جامعة بكين وجامعة العلوم والتقنية البولندية. كما حصل على جائزة الريادة والإنجاز من مجموعة الاقتصاد والأعمال.

أثبت النعيمي بمدى تأثيره وإلهامه للجميع برحلته وقدرته على تحويل التحديات إلى إنجازات عظيمة، وقد جمع مذكراته في كتاب بعنوان “من عالم البادية إلى النفط”، ويوفر هذا الكتاب نظرة عميقة في مسيرته. تعتبر قصة كفاحه نموذجًا يُحتذى به للدراسة في المؤسسات التعليمية الكبرى.

مرض النعيمي

تأثر النعيمي بوعكة صحية خلال فترات مهنية متعددة، مما دعاه للذهاب إلى المستشفيات لتلقي العناية اللازمة. انتشرت شائعات حول حالته الصحية، لكن المقربة منه نفت تلك الأخبار. ومع ذلك، فقد كان المرض الذي أصابه مرضًا وراثيًا متعلقًا بصحته، كعلامة على التحديات الإنسانية التي يمكن أن تواجه أي شخص. تأكيده على أهمية العمل والنجاح يتجاوز كل الصعوبات التي قد تواجهه في الحياة.